مفهوم الأعمال المدنية والأعمال التجارية والفرق بينهما
بدايةً ينبغي على صاحب المشروع معرفة فيما إذا كان النشاط الذي يقوم به يعتبر من الأعمال المدنية أم من الأعمال التجارية، علماً أن التشريعات وضعت معاييراً كثيرةً لاعتبار العمل أو النشاط تجارياً، وتركت الباب مفتوحاً للقضاء للقياس على تلك المعايير وتقرير فيما إذا كان العمل تجارياً أم لا.
ما يهمنا هنا هو أن نوضح لأصحاب المشاريع أن الأصل في الأعمال والتصرفات هو أن تكون مدنية، ما لم تصدر تلك الأعمال عن شخص احترف التجارة أو قام بتلك التصرفات ضمن نطاق مشروع تجاري فتصبح تلك الأعمال تجارية، وسنكتفي هنا بالإشارة لفكرة عامة تقول أن شراء البضائع بهدف بيعها وتحقيق الربح يعتبر من حيث المبدأ عملاً تجارياً.
من الأعمال التي تعتبر مدنية بعض الصناعات الصغيرة التقليدية التي لاتعدو أن تكون حرفاً يدوية كالنجارة وصناعة الفخار والزجاج والتطريز إذ لاتستلزم تلك الأعمال اتخاذ إطاراً قانونياً معيناً للقيام بها طالما أنها فردية لم تأخذ شكل أو نطاق مشروع تجاري.
الفرق بين الأعمال المدنية والتجارية من حيث الأثر القانوني
تعتبر الزراعة أو تربية المواشي أو الأعمال الحرفية كالنجارة أو الحدادة أعمالاً مدنية، في حين يعتبر نشاط بيع التجزئة على سبيل المثال عملاً تجارياً لأنه يتضمن شراء مواد أو بضاعة ومن ثم بيعها لتحقيق الربح، كما يعتبر عملاً تجارياً على سبيل المثال تأسيس مشروع صغير أو متوسط يتم فيه استخدام عمال وتحويل مواد أولية إلى منتج نهائي.
نظرة عامة عن الآثار القانونية للتفريق بين الأعمال المدنية والتجارية
1. من حيث الإثبات
يقصد بالإثبات الطرق المقبولة قانوناً لإثبات وجود حق أو التزام، وهو أمر بالغ الأهمية لأصحاب المشاريع، فحين يدخل المشروع حيز التنفيذ وتتولد عنه تعاملات مع الغير، يكون من الهام جداً لصاحب المشروع معرفة كيف يثبت حقوقه تجاه الغير، وهذا الأمر يتوقف على تحديد فيما إذا كان النشاط الذي يقوم به يشكل عملاً مدنياً أم تجارياً.
فالحقوق والالتزامات المرتبطة بالأعمال المدنية لايمكن إثباتها من حيث المبدأ إلا بوجود وثيقة مكتوبة، وعليه ينبغي هنا الحرص على توثيق كافة التعاملات بعقود وإيصالات وسندات مكتوبة.
أما الحقوق والالتزامات المرتبطة بالأعمال التجارية فيمكن إثباتها بسائر طرق الإثبات بما في ذلك شهادة شهود حضروا على سبيل المثال واقعة البيع أو الشراء أو الاستدانة.
2. في التقادم
يقصد عموماً بالتقادم هو فترة من الزمن فيما لو مضت لن يتمكن بعدها صاحب الحق من المطالبة بحقه.
تتقادم من حيث المبدأ الحقوق المدنية بخمسة عشر عاماً فيما تتقادم الحقوق التجارية بعشر سنوات ما لم يحدد القانون أجلاً أقصر.
3. التضامن
يقصد بالتضامن وجود أكثر من شخص ملتزمون معاً بوفاء دين معين، فإذا كان الدين تجارياً فقد افترض القانون أن الأشخاص المدينين متضامنين فيما بينهم لوفاء الدين، أي يحق للدائن مطالبتهم جميعا لوفاء الدين أو مطالبة أي منهم بكامل الدين.
أما فيما لو كان الدين مدنياً فإن التضامن ما بين المدينين غير مفروض ويحتاج إلى وثيقة أو اتفاق يثبت هذا التضامن.
4. شهر الإفلاس
عند توقف التاجر عن سداد ديونه يكون عرضة لنظام شهر الإفلاس حيث يتم عن طريق القضاء رفع يده عن إدارة أمواله وأعماله ويعطى هذا الحق لوكيل الدائنين أو وكيل التفليسة الذي يتولى تصفية أعماله وسداد ديونه.
لايوجد مثل هذا الإجراء في الأعمال المدنية حيث يخضع المدين لنظام آخر يدعى الإعسار حيث يحل أجل كافة الديون المستحقة والآجلة معاً يكون للدائنين الحق بإلقاء الحجز على أمواله وتقاسمها فيما بينهم.